المحجبة
:: اللؤلؤة المضيئة ::
- التسجيل
- 30 يونيو 2004
- رقم العضوية
- 1929
- المشاركات
- 5,735
- مستوى التفاعل
- 76
- الجنس
- الإقامة
- الإمارات
تراثيات
قال أحدهم: كان عندنا بالمدينة رجل قد كثر عليه الدين حتى توارى عن غرمائه.ولزم منزله، فأتاه غريم عليه شيء يسير، فتلطف حتى وصل إليه، فقال له: ما تجعل لي إن أنا دللتك على حيلة تصير بها إلى الظهور والسلامة من غرمائك؟ قال: أقضيك حقك وأزيدك بما عندي مما تقر به عينك، فتوثق منه بالأيمان، فقال له: غداً قبل الصلاة مر خادمك يكنس بابك وفناءك، ويبسط على دكانك حصراً، ويضع لك متكأ، ثم اجلس.
وكل من يمر عليك ويسلم تنبح له في وجهه، ولا تزيدن على النباح أحداً كائناً من كان، ولو كلمك أحد من أهلك أو خدمك أو من غيرهم أو غريم أو غيره حتى تصير إلى الوالي، فإذا كلمك فانبح له، وإياك أن تزيده أو غيره على النباح، فإن الوالي إذا أيقن أن ذلك منك جد لم يشك أنه قد عرض لك عارض من مس فيخلي عنك، ففعل، فمر به بعض جيرانه فسلم عليه، فنبح في وجهه، ثم مر آخر ففعل مثل ذلك حتى تسامع غرماؤه، فأتاه بعضهم فسلم عليه فلم يزده على النباح، ثم آخر وآخر، فتعلقوا به فرفعوه إلى الوالي.
فسأله الوالي فلم يزده على النباح، فرفعه معهم إلى القاضي فلم يزده على ذلك، فأمر بحبسه أياماً وجعل عليه العيون، فملك نفسه وجعل لا ينطق بحرف سوى النباح، فلما تقرر ذلك عند القاضي أمر غرماءه بالكف عنه، وقال: هذا رجل به لمم، فمكث ما شاء الله تعالى ثم إن غريمه الذي كان علمه الحيلة أتاه متقاضياً لعدته، فلما كلمه جعل لا يزيد على النباح فقال له: ويلك يا فلان، وعلي أيضاً وأنا علمتك تلك الحيلة، فجعل لا يزيده على النباح، فلما يئس منه انصرف غير آمل فيما يطالبه به.
قيل: أتي الحجاج بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي واحد منهم، فأقيمت الصلاة، فقال الحجاج لقتيبة بن مسلم: ليكن عندك وتغدو به علينا، قال: فخرجت والرجل معي، فلما كنا في الطريق قال لي: هل لك في خير؟ قلت: وما هو؟ قال: إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تخلي سبيلي، لأودع أهلي وأعطي كل ذي حق حقه، وأوصي بما علي ولي، والله كفيل لي أن أرجع إليك بكرة، قال:
فتعجبت من قوله وتضاحكت، قال: فأعاد علي القول وقال: يا هذا، والله كفيل أن أعود إليك، ومازال يلح إلى أن قلت: إذهب، فلما توارى عني كأنني انتبهت، فقلت: ما صنعت بنفسي، ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة، فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب، فخرجت وإذا به، فقلت: رجعت؟ فقال: جعلت الله كفيلاً ولا أرجع! فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال:
أين الأسير؟ قلت بالباب أصلح الله الأمير، فأحضرته وقصصت عليه القصة، فجعل يردد نظره إليه، ثم قال: وهبته لك، فانصرفت به، فلما خرجت من الدار قلت له: اذهب أين شئت، فرفع بصره إلى السماء وقال: اللهم لك الحمد، ولا قال لي أحسنت ولا أسأت، فقلت في نفسي: مجنون ورب الكعبة، فلما كان في اليوم التالي جاءني، فقال: يا هذا جزاك الله عني أفضل الجزاء، والله ما ذهب عني أمس ما صنعت، ولكن كرهت أن أشرك في حمد الله أحداً.
منقول
أختكم المحجبه
قال أحدهم: كان عندنا بالمدينة رجل قد كثر عليه الدين حتى توارى عن غرمائه.ولزم منزله، فأتاه غريم عليه شيء يسير، فتلطف حتى وصل إليه، فقال له: ما تجعل لي إن أنا دللتك على حيلة تصير بها إلى الظهور والسلامة من غرمائك؟ قال: أقضيك حقك وأزيدك بما عندي مما تقر به عينك، فتوثق منه بالأيمان، فقال له: غداً قبل الصلاة مر خادمك يكنس بابك وفناءك، ويبسط على دكانك حصراً، ويضع لك متكأ، ثم اجلس.
وكل من يمر عليك ويسلم تنبح له في وجهه، ولا تزيدن على النباح أحداً كائناً من كان، ولو كلمك أحد من أهلك أو خدمك أو من غيرهم أو غريم أو غيره حتى تصير إلى الوالي، فإذا كلمك فانبح له، وإياك أن تزيده أو غيره على النباح، فإن الوالي إذا أيقن أن ذلك منك جد لم يشك أنه قد عرض لك عارض من مس فيخلي عنك، ففعل، فمر به بعض جيرانه فسلم عليه، فنبح في وجهه، ثم مر آخر ففعل مثل ذلك حتى تسامع غرماؤه، فأتاه بعضهم فسلم عليه فلم يزده على النباح، ثم آخر وآخر، فتعلقوا به فرفعوه إلى الوالي.
فسأله الوالي فلم يزده على النباح، فرفعه معهم إلى القاضي فلم يزده على ذلك، فأمر بحبسه أياماً وجعل عليه العيون، فملك نفسه وجعل لا ينطق بحرف سوى النباح، فلما تقرر ذلك عند القاضي أمر غرماءه بالكف عنه، وقال: هذا رجل به لمم، فمكث ما شاء الله تعالى ثم إن غريمه الذي كان علمه الحيلة أتاه متقاضياً لعدته، فلما كلمه جعل لا يزيد على النباح فقال له: ويلك يا فلان، وعلي أيضاً وأنا علمتك تلك الحيلة، فجعل لا يزيده على النباح، فلما يئس منه انصرف غير آمل فيما يطالبه به.
قيل: أتي الحجاج بقوم كانوا قد خرجوا عليه، فأمر بقتلهم وبقي واحد منهم، فأقيمت الصلاة، فقال الحجاج لقتيبة بن مسلم: ليكن عندك وتغدو به علينا، قال: فخرجت والرجل معي، فلما كنا في الطريق قال لي: هل لك في خير؟ قلت: وما هو؟ قال: إن عندي ودائع للناس، وإن صاحبك لقاتلي، فهل لك أن تخلي سبيلي، لأودع أهلي وأعطي كل ذي حق حقه، وأوصي بما علي ولي، والله كفيل لي أن أرجع إليك بكرة، قال:
فتعجبت من قوله وتضاحكت، قال: فأعاد علي القول وقال: يا هذا، والله كفيل أن أعود إليك، ومازال يلح إلى أن قلت: إذهب، فلما توارى عني كأنني انتبهت، فقلت: ما صنعت بنفسي، ثم أتيت أهلي فباتوا بأطول ليلة، فلما أصبحنا إذا برجل يقرع الباب، فخرجت وإذا به، فقلت: رجعت؟ فقال: جعلت الله كفيلاً ولا أرجع! فانطلقت، فلما بصر بي الحجاج قال:
أين الأسير؟ قلت بالباب أصلح الله الأمير، فأحضرته وقصصت عليه القصة، فجعل يردد نظره إليه، ثم قال: وهبته لك، فانصرفت به، فلما خرجت من الدار قلت له: اذهب أين شئت، فرفع بصره إلى السماء وقال: اللهم لك الحمد، ولا قال لي أحسنت ولا أسأت، فقلت في نفسي: مجنون ورب الكعبة، فلما كان في اليوم التالي جاءني، فقال: يا هذا جزاك الله عني أفضل الجزاء، والله ما ذهب عني أمس ما صنعت، ولكن كرهت أن أشرك في حمد الله أحداً.
منقول
أختكم المحجبه