اعادة : سلسلــة الأخطــاء الشائعـــة ((( كاملة )))
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ,
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ,
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله ,
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى اثره واستن بسنته الى يوم الدين .
أما بعد ,
أحبتي في الله اخواني واخواتي ,,
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
وبعد ,
فإن هذا هو الدرس رقم ( 50 ) من دروس ( سلسلة الأخطاء الشائعة )
وهي مجموعة دروس متسلسة تعلم الناس بعض ما يقعون فيه من اخطاء وهم لا يشعرون ولا يعلمون
اما قولا او فعلا , في كل المجالات اما في العقيدة او الفقه او المعاملات او الأخلاق او المنهج او السلوك
اوغيرها من مجالات الدين .
وحاولت قدر المستطاع الإختصار وعدم الإطالة ليتسنى حفظها وتداولها بين الناس .
واسال الله تعالى ان ينفع بها كاتبها وقائلها ومن يطلع عليها .
واترككم مع هذا الدرس والذي هو بعنوان :
(( تمني الموت !!!! ))
تعلمون جميعا ان الدنيا دار ابتلاء وامتحان , فالمسلم فيها لابد ان يصاب بمصيبة
ليختبر الله صبرة وتحملة من جهة وليرجع الى الله ويعلم انه محتاج ومفتقر الى الله جل جلالة
من جهة اخرى , فيلجأ الى الله بالدعاء لتفريج همه وتنفيس كربه !
والمؤمن لاشك مبتلى في هذا الدنيا والإبتلاء على حسب قوة ايمانه وقربه من ربه عز وجل ,
كما جاء في الحديث الصحيح :
( أشد بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل )
فقد يبتلى المسلم بفقد حبيب وبموت قريب ابن او زوج او زوجه او والد او والدة ,
ويبتلى بمرض لا يزول عنه ولا يشفى منه
وقد تبتلى الزوجة بزوج يمسيها ويصبحها بالضرب والشتم والتهديد بالطلاق ,
وقد يبتلى الوالدين بولد غير صالح فيؤذيهما ويعقهما , وهكذا الدنيا ,
هم وحزن والم وفراق ووداع , تفرحك قليلا وتبكيك كثيرا
تضحكك اليوم وتبكيك غدا , تعطيك اليوم وتأخذ منك غدا .
فالمسلم في هذه الحالة مطالب بالصبر والإحتساب ابتغاء الأجر من الله جل وعلا !
ولكن من الناس من يضجر ويسخط ولا يطيق الإبتلاء والإمتحان فيتلفظ بألفاظ لا يرضاها الله
ولا رسوله صلى الله عليه وسلم , فمن الألفاظ التي تخالف الشريعة
تمني الموت !!
فبعض الناس يتمنى الموت لضر مسه , فيصبح مهموما كسير القلب حزين , دموعه لا تغادر عيناه
لا ينام الليل بسبب ما اصابه من هم وحزن وكرب , فإذا طال به هذا الهم والحزن بسبب مصيبة
او مشاكل المت به يئس من الحياة فأصبح يريد الخلاص من هذه الدنيا .
فيتمنى الموت حتى يرتاح في زعمه من هذه المصائب والكروب والمشاكل المحيطة به
فبعضهم يفضل الإنتحار والعياذ بالله ليتخلص من مشاكلة !!
وقصص الإنتحار كثيرة جدا أكثر من أن تحصى ولا حول ولا قوة الا بالله .
ومنهم من يدعو الله ليلا ونهارا وسرا وجهارا ان يريحه من الدنيا فيتمنى الموت !!
فمثلا يقول :
(( ياليتني اموت وارتاح من الدنيا !! ))
(( يا ليتني اموت وارتاح من هذا العذاب !! ))
او قد يقول لمن أضره وآذاه واهمه :
(( ان شاء الله اموت وترتاح مني !! ))
(( اتمنى الموت اليوم قبل غدا !! ))
وغيرها من الألفاظ والجمل التي فيها تمني الموت والخروج من الدنيا !!
وهذا الأمر أحبتي الكرام لا يجوز شرعا ! فلا يجوز للمسلم ان يتمنى الموت لضرر مسه او هم الم به !
وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تنهى عن ذلك أذكر منها ما يلي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( لا يتمنين أحدكم الموت , إما محسنا فلعله يزداد خيرا , واما مسيئا فلعله يستعتب ))
أخرجه البخاري في صحيحه
ومعنى : فلعله يزداد : أي يزداد من فعل الخيرات .
ومعنى يستعتب : أي يرجع الى الله بالتوبة ورد المظالم وطلب رضى الله تعالى .
عن ام الفضل رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم وعباس عم
رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي , فتمنى الموت , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( يا عم , لا تتمن الموت , فإن كنت محسنا فإن تؤجر تزداد إحسانا الى احسانك خير لك , وان كنت
مسيئا فأن تؤخر فتستعتب من اساءتك خير لك , فلا تتمن الموت )) .
صحيح - أخرجه الحاكم بإسناد صحيح
إذن احبتي الكرام الأحاديث تنهى عن طلب الموت لضرر يشتكي منه المسلم , وقد بينت الأحاديث
سبب النهي والحكمة منه وهو ان طالب الموت ومتنيه قد يكون محسنا في عمله في الدنيا فإن عاش
زاد في احسانه وطاعته فازدادت حسناته في الآخرة ,
او قد يكون عنده معاصي وسيئات فإن طال عمرهقد يتوب منها ويقلع عن الذنب , فإن طلب الموت فإنه قد يموت ويلقى الله ولم يتب من ذنبه وخطيئته
فلا يجوز للمحسن ولا للمسيء أن يطلب الموت فالمحسن قد يزيد في احسانه
والمسيء قد يقلع عن اساءته ويرجع ويتوب الى الله سبحانه وتعالى .
ولكن أحبتي في الله ان اضطر المسلم لتمني الموت لمصيبة او مرض الم به فإنه ورد في السنة دعاء يقوله
في الحديث الصحيح :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به , فإن كان لا بد متمنيا فليقل :
(( اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي , وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ))
صحيح - رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما
فالمسلم لا يتمنى الموت ولكن ان اضطر لا محالة لتمني الموت عليه ان يقول ما ورد في هذا الحديث
لأنه بهذا الدعاء يكل المسلم أمره الى الله سبحانه وتعالى ان شاء سبحانه قبض روحه
وان شاء تركه على قيد الحياة , فالأمر يرجع الى المولى عز وجل في هذا .
فيجوز له ان يدعو بهذا الدعاء والله تعالى أعلى وأعلم .
واسمحولي ان كنت اطلت عليكم وان كان من سؤال او استفسار فلا بأس بطرحه لتعم الفائدة .
واكتفي بهذا القدر والله تعالى أعلم
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
حقوق الطبع والتوزيع ليست محفوظة فمن شاء ان يطبع ويوزع او ينشر الدروس
فله ذلك ولكن مع ذكر اسم المؤلف ( سراب البيد ) و ذكر الموقع ( برزة الشحوح ) .
وجزى الله خيرا من اعان على نشرها وتوزيعها
والدال على الخير كفاعله
كتبه واعده للبرزة :
أخوكم ,,
سراب البيد